كُنَّا صغارًا، وكان والدي -يرحمه الله- أحد منسوبي القوَّات المسلَّحة بالمدينة المنوَّرة في نهاية القرن الهجريِّ الماضي، وكان يصطحبنا معه أحيانًا إلى العمل، فقد كانت الأمورُ بسيطةً وكنَّا نسعدُ بذلك اليوم.
كان هناك عيادة يمكثُ فيها طبيبٌ باكستانيٌّ، وقد كان يصفُ دواءً واحدًا لكلِّ المرضَى، عبارة عن ثلاث حبَّات: حبَّة صباحًا، وحبَّة ظهرًا، وحبَّة ليلًا.
وماذا بعد؟!
ولكنْ بفضل حكومتنا الرَّشيدة، واهتمام ولاة أمورِنَا، وصاحبِ الابتسامةِ التي لا تغيبُ عن كلِّ مَن تعامل معه، أو قابلَهُ أو شاهدَهُ، إنَّه الأميرُ سلطان بن عبدالعزيز -يرحمه الله-، الذي وفَّر كلَّ شيءٍ لمنسوبي هذا القطاع الهام، الذي يحمي وطننَا وحدودنَا الممتدَّة، شرقًا وغربًا، وشمالًا وجنوبًا، برًّا وبحرًا وجوًّا.
تطوُّر هائلٌ مازلنا نشهدُهُ، ومازال الاهتمامُ من حكومتنا الرَّشيدة على مرِّ السِّنين؛ لتسهيل ودعم كلِّ ما من شأنِهِ أنْ تكون القوَّات المسلَّحة من أوائل جيوشِ العالم عُدَّةً وعتادًا، كيف لا، وهي مَن تحمِي بلادِ الحرمين؟
ما دعاني للكتابة عن هذا الموضوع، هو أنني أفخر بوطني عندما أشاهد الخدمات التي تقدمها حكومتنا الرشيدة، ومنها الخدمات الطبية لأفراد ومنسوبي وعوائل المنتسبين للقوات المسلحة، وغيرهم من أبناء الوطنِ في بعض المستشفيات الحكومية.. ففي كل مدينة، هناك مستشفى عسكري للقوات المسلحة الموجودة بكل منطقة مدججة بأحدث الأجهزة، والتقنيات الطبية الحديثة والكوادر الصحية المميزة.
لم أدخلْ في حياتي -منذ الطبيب الواحد، والعيادة الواحدة- مستشفى الأمير سلطان بن عبدالعزيز -يرحمه الله- الذي أهدَى في حياتِهِ -عندما كان وزيرًا للدِّفاع- هذا الصَّرحُ الطبيُّ المميَّزُ لكافَّة منسوبي القوَّات المسلَّحة وأبنائِهم، جعلَه اللهُ في ميزانِ حسناتِهِ.
ذاتَ يومٍ، تعبتْ زوجتِي قليلًا، فقلتُ: لماذا لا أُجرِّب هذا المستشفَى، بعد أنْ تعبنَا من أقسامِ الطَّوارئ بالمستشفياتِ الأُخْرَى، خاصَّةً أنَّ والدها وابننا من منسوبي القوَّات المسلَّحة، فذهبنا عصرًا لقسمِ الطَّوارئ، وحقيقةً تفاجأتُ بأنَّ المدينة المنوَّرة بها مستشفى بهذِهِ الإمكاناتِ، أطباء، وممرضون، وأجهزة على أعلى المستوياتِ، وسرعة في الأداء، وأشعَّة، ومختبرات، وكل ما يلزم لراحةِ النَّفس قبلَ راحةِ الجسدِ، معاملةٌ تعطيك شعورًا بأنَّك المريضُ الأوحدُ لديهم، ونلحظُ التَّعامل نفسه مع كلِّ المرضَى.
وجوهٌ تبتسمُ.. واستقبالٌ رائعٌ.. وراحةٌ نفسيَّةٌ لكلِّ زائرٍ للمستشفى.
لا أجدُ كلماتٍ معبِّرةً عن إنسانيَّة الطَّواقم الطبيَّة بمستشفى الأمير سلطان للقوَّات المسلَّحة، سوى الدُّعاء لمَن أنشأ لنَا هذا الصَّرح.. ولحكومتِنَا الرَّشيدة، ولمولاي خادم الحرمين الشَّريفين الملك سلمان، وولي عهده -حفظهم اللهُ- على كلِّ ما يقدِّمُونه للمواطنِ، سواءٌ من منسوبي هذا القطاع، أو منسوبي القطاعات الأُخْرى التي وصلتهم الخدمات الصحيَّة بكلِّ مكان.
* خاتمة:
شكرًا للدكتور عبدالله مسعد، والطَّبيبِ عاصم أحمد، ومسؤولة التَّمريض الأخت شهد الحازمي، وجميع الكادرِ المناوبِ بقسم الطَّوارئ بمستشفى الأميرِ سلطان للقوَّات المسلَّحة.