هذا وطني - صحيفة مكه
إبراهيم عطية الحبيشي
إنه من أصعب الأشياء حين تحاول الكتابة عن أمر عظيم ومعلم من معالم العز والافتخار، وهو (الوطن)، فمهما أوتيت من فصاحة في اللسان وبلاغة في البيان للكتابة عن هذا الوطن فلن أوفيه حقه، وهو الذي قد عشت فوق ترابه، وامتزجت دمائي برماله، وتفيأت تحت ظلاله الأمن والأمان والدين والإيمان، هذا الوطن الذي تعلمنا من جباله العزة والشموخ، ومن صحرائه الصبر والشجاعة، ومن شواطئه الخير والجود، ومن نخيله الكرم والعطاء، ومن أزهاره الصفاء والمحبة، فكيف إذا كان هذا الوطن قد جمع بين جنباته خير البشر، وأفضل بقاع الأرض ومهبط الوحي ومهوى أفئدة قلوب جميع المسلمين.
أرض المجد والعزة والكرامة وتاريخ الأبطال، فهنا ماضي الأمم وحاضرها ومستقبلها.إن التعبير عن حب الوطن والوطنية ليست كلمات تقال فقط، أو قصائد تلقى أو أشعار تغنى، إنه معنى أسمى من ذلك، فالوطنية وحب الوطن هما:
1.العمل الجاد كما قال تعالى (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون)، وقال المؤسس رحمه الله عن العمل (يجب أن تحرصوا على العمل، والعمل لا يكون إلا بالتساند والتعاضد).
2.إقامة شعائر الله وطاعته على أرضه حسب ما أمر سبحانه، قال تعالى (الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور). كما جاء عن المؤسس المغفور له بإذن الله الملك عبدالعزيز رحمه الله قوله (إنني أدعو المسلمين جميعا إلى عبادة الله وحده، والرجوع للعمل بما كان عليه السلف الصالح، لأنه لا نجاة إلا بهذا)، وقال (خير الديار التي يطبق عليها شرع الله)، وقد اهتم ولاة أمرنا جزاهم الله خيرا بهذا الأمر خير اهتمام.
3.التكاتف حول ولاة أمرنا حفظهم الله، والسمع والطاعة لهم، وأن نكون صفا واحدا ضد أعداء الإسلام وأعداء هذا الوطن، فإن طاعتهم عبادة قد حث عليها كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم فقال تعالى (وأطيعوا الله ورسوله وأولي الأمر منكم)، وقال صلى الله عليه وسلم (من أطاع الأمير فقد أطاعني، ومن عصى الأمير فقد عصاني).
4. طلب العلم فإنه بطلبه ترقى الأمم وتتقدم وتتنافس ويشار إليها بالبنان، وهو مطلب شرعي حثنا عليه الإسلام، وهو ميراث النبوة وطريق للجنة، تضع الملائكة أجنحتها لطالب العلم رضا فيما يصنع، ويستغفر له حتى الحيتان في البحار، وقد أولت حكومتنا الرشيدة أعزها الله منذ عهد المؤسس رحمه الله الملك عبدالعزيز جل اهتمامها بالعلم، فأنشأت التعليم المجاني وأقامت المدارس والجامعات، وسيرت البعثات وجادت عليها بالمكافآت، وذلك لتكون في أعلى درجات العلم والمعرفة، وقد نالت بتوفيق الله وصول أبنائها إلى مصاف الدول المتقدمة، وأصبح يفد إليها الطلبة من الخارج من كل فج وصوب لتعليمهم.
5.الاهتمام بمقدرات الدولة والحفاظ عليها والإسهام في بنائها وتطويرها، منذ عهد المؤسس رحمه الله إلى عهد خادم الحــرمــين الشـريـفين الملك سلمان حفظــه الله، فقد أولت الدولة اهتمامها ببناء المواطن السعودي في كافة المجالات التنموية والاقتصادية، حيث أصبحت في مصاف الدول المتقدمة فأنشأت الجامعات والمستشفيات والطرق السريعة والحدائق العامة.. الخ.
كل هذه أمانة لدينا فيجب تعليم أبنائنا المحافظة عليها وتطويرها وعدم الاعتداء عليها بأي صورة من صور الاعتداء، والابتعاد بها عما يتسبب في إتلافها أو نقصانها، (كما ذكر المؤسس رحمه الله) كل أمة تريد أن تنهض لا بد لكل فرد فيها أن يقوم بواجبات ثلاثة: أولها واجباته نحو الله ودينه، وثانيها واجباته في حفظ أمجاد أجداده وبلاده، وثالثها واجباته نحو شرفه الشخصي.
6. الاهتمام بالأسرة فإنه سبب من أسباب النجاح لهذا الوطن وهو اللبنة الأولى من لبنات النجاح (عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول كلكم راع ومسؤول عن رعيته، فالإمام راع وهو مسؤول عن رعيته، والرجل في أهله راع وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة في بيت زوجها راعية وهي مسؤولة عن رعيتها، والخادم في مال سيده راع وهو مسؤول عن رعيته).
هنيئا لنا بهذه الحكومة الرشيدة، وهؤلاء الحكام الصـــالــحيـن الذين بسببهم حفظ الله الـديــن وأمــنت السبل واجتمعت الكلمة بعد أن كنا قبائل متناحرة ومتفرقة.. رحم الله الملك عبدالعزيز، وجزاه الله عنا وعن المسلمين خير الجزاء، وحفظ الله بلادنا وخادم الحرمين والأسرة الكريمة من كل سوء ومكروه، ونصر الله جنودنا البواسل في ميدان الشرف والكرامة.